728x90 AdSpace

  • Latest News

    الجمعة، 27 أبريل 2012

    الإنسان «حيوان إعلامي»!


    حين قال أرسطو قبل نحو 2300 سنة أن «الإنسان حيوان اجتماعي»، لم يكن الفيلسوف الإغريقي يعلم أن مقولته ستعمّر دهراً من الزمن، وستتناقلها الأجيال كأحد أشهر التعريفات عن ابن آدم.
    انتظرنا أكثر من عشرين قرناً... ليخرج رجل الإعلان اللبناني رمزي النجار بتعريف جديد في الوقت ذاته: «الإنسان حيوان إعلامي». للوهلة الأولى يصدمك هذا التعريف بواقعيته، لكن النجار يقنعك بحجته، معتبراً أن «الميزة التي أُهملت، وهي السمة الأكثر اقتراباً إلى طبيعة الإنسان وسلوكه وعاداته وهواجسه، هي حتماً كون الإنسان «حيواناً إعلامياً»، يريد أن يسمع، أن يعرف، أن يحلّل، أن يعلّق، أن يستبق، أن يتوقع، أن يعاين، أن ينقل الأخبار، أن يكون أول من يعرف، أن يتفوّق بالمعرفة حتى لو كانت مجرّد أخبار سوداوية، كارثية، دمويّة، أو حتى فضائحية».
    في كتابه الأخير «وجهة نظر وسفر: الإعلام، التواصل والربيع العربي» الصادر عن «دار النهار للنشر» في بيروت، يرتدي النجار بزّة «الفيلسوف الإعلامي»، بعدما اختبر عالم الإعلان نحو 22 سنة. وهو لا يتردّد في الدفاع عن نظريته، أو مقولته، قائلاً إن «الثابت الدائم في الإنسان هو في فطرته (...) في تقصّي الأحداث المقبلة. هذا شأنه، في كل مجتمع بدائي أو متطوّر، من شاعر القبيلة إلى الساحر المشعوذ، إلى دكان القرية، إلى مقهى الساحة، على مقاهي الانترنت اليوم: وحتى يومنا هذا، كله أدلة راسخة على هَوَس البشر... بالخبر».
    ليس غريباً على النجار أن يُحاجج بالإقناع، وهو حفيد الأديب والمؤرخ العربي جرجي زيدان (1861-1914) الذي هاجر إلى مصر كحال غيره من مسيحيي بلاد الشام ليؤسس هناك مجلة «الهلال» الثقافية الرائدة عام 1892. فورث رمزي عن جده (لأمّه) حب المعرفة والكتابة الإبداعية، ليصبح من أعلام صناعة الإعلان في الشرق الأوسط، محققاً نجاحات عدة في مجالات التواصل الإعلامي – السياسي، هو الذي وضع مؤلفات في الفلسفة والسياسة والإعلام، إضافة إلى مجموعة من الدراسات التسويقية عن القطاع الإعلامي بما في ذلك تطوير «الشرعة المهنية والأخلاقية» لهذا القطاع والتي جرى إقرارها ودمجها في القوانين الداخلية لنقابة وكالات الدعاية في لبنان. وانطلاقاً من خبرته في هذا المجال، ينفي النجار أي علاقة للعلم والأمية بموضوع سيطرة الشاشات على حياتنا اليومية، «فالكل يعيش على إيقاع الشاشات، من دون استثناء، من شاشة التلفاز، إلى شاشة الهاتف الجوّال، إلى شاشة الكومبيوتر والانترنت، إلى شاشة السيارة، إلى شاشة ساعة اليد، إلى شاشة الإعلان الطرقي، إلى شاشة الأي باد، إلى شاشة الفايسبوك...».
    وهكذا يتكرّس طغيان وسائل الإعلام على حياة الإنسان اليوم، ليصبح الأخير حيواناً إعلامياً بامتياز، «فهو، منذ كان، عيناه الكاميرا، أذناه هندسة الصوت، فمه الميكروفون. أما يداه وقدماه وكامل أعضاء جسده فهي لغة بحد ذاتها تتحرّك، تنقبض، تتفاعل، ترتجف، تتردّد، تُعنّف، وفقاً لمحتوى جديّته»، يقول النجار، لافتاً إلى أن الإنسان، منذ يستيقظ، «يبدأ بالبث اللفظي، البصري، الإشارات، الصوت، الصراخ، الهمس، اللمس، الذوق، الشمّ. كل حواسّه هي: «المراسلون الإعلاميون» الذين يجوبون البيئة القريبة والبعيدة لإعداد النشرة، وتفاعل الإنسان مع الشاشات هو بحثٌ دائم وحلقة دائرية مستمرة، تطارد الحدث، تصنعه، تتفاعل معه، تخشاه، تحتفل به، ترتقبه أو تتسابق معه لتفاديه».
    كتاب رمزي النجار الأخير (350 صفحة من القطع الوسط) يدعو إلى التأمّل في واقع الإعلام اليوم وما سيصير إليه بين عامي 2030 و2040، انطلاقاً من موجات تسونامي «الربيع العربي» التي اجتاحت المنطقة إثر صفعة تلقاها محمد البوعزيزي، ذلك الشاب التونسي المقهور، على يد شرطية في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2010. وكما فجّرت تلك الصفعة ثورات عربية عدة، كانت حافزاً للنجار كي يستكمل الكتاب الذي شرع في تأليفه قبل نحو عشر سنوات، فعاود «نخوة» التأليف بعدما أيقن أن الإعلام وحده هو الفرصة الواعدة والوحيد لنجاح «الربيع العربي»، شرط أن يكون إعلاماً محترفاً ونظيفاً.
    يشخّص النجار الداء المستفحل في الجسد العربي اليوم، معتبراً أن لا مفرّ من الدواء الوحيد وهو الإعلام الحرّ المستقل والمنزّه عن المصالح الشخصية و «البروباغندا» السياسية. «الإعلام، كما يجب أن يكون وكما يجب أن يتعامل معه العرب، هو الملاذ والملجأ والحل لأزمة العرب والعروبة»، يقول النجار واثقاً إن «الإعلام في هذه الفترة هو حارس النافذة الصغيرة التي تشكل فرصة واعدة أكيدة لبناء نظام عادل وقائم على الحكم الرشيد والمسؤول وغير القامع، والقادر على محاكاة الشعب الذي استحقه».



    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: الإنسان «حيوان إعلامي»! Rating: 5 Reviewed By: khaled nour
    Scroll to Top