728x90 AdSpace

  • Latest News

    الاثنين، 5 نوفمبر 2012

    محمد غنيم يكتب.. فتاة روسيا وجنسية أبيها

    تسع ساعات و أربع دقائق على متن طائرة الخطوط الجوية الروسية المتجهة من القاهرة إلى مطار موسكو مرت و كأنها تسع سنين عجاف وجوه مختلفة طباع مختلفة نظرات أيضا مختلفة شبح الخوف من الغربة يركب معي عالقاً بين نبضات قلبي فهذه هي المرة الأولى التي اترك أركب فيها طائرة فمذ كنت بكلية الهندسة وأنا احلم بتلك الفرصة السفر لدولة غير عربية حتى جاءت مغلفة بطبقة من الحزن المختلط بالخوف
    تسع ساعات ابحث عن عيون عربية تمتص نبضات قلبي المتزايد خوفا لم أجد سوا عيون زرقاء و أخرى خضراء لبشرة بيضاء محمرة وكأنه تفاح أخضر يزداد احمرارا استعداداً لوقت تجلس بجواري امرأة عجوز لا تملك إلا ابتسامة خفيفة تظهر من بين تجاعيد وجهها وتحمل كلبها الأبيض الصغير بين كفيها هؤلاء هم رفقائي حتى انتهت الرحلة

    مطار موسكو
    بعد فترات من محاوله النوم المتقطع وتهدئة شبح الخوف من الغربة الذي ينبش بداخلي إذا بصوت المضيف رجاء فك الأحزمة وقتها أيقنت اننى لابد و إن أواجه مستقبل أفضل حلمت بيه فا رحلتي إلى موسكو حلم لم يتحقق لملاين من زملائي خريجين الهندسة المعمارية فهوا الآن بين يدي فأنا متعاقد مع شركة كبيرة مسئؤلة عن ترميم مبنى الكرملين ذلك المبنى الشهير في العاصمة الروسية موسكو لحظة خروجي من المطار جو بارد قارص ينتظرني مندوب من الشركة يبتسم فى وجوه الناس جميعا يحمل يافطة صغيرة مكتوب عليها اسمي مرفق بجواره جمله مصري الجنسية وكأن جنسيتي هى التي تميزني عن غيري من البشر استقبلني استقبال حار بابتسامات مهذبه
    ركبت معه سيارته رأيت تلال شاهقة مكسوة بطبقة من الثلج الأبيض و كساحات تسير في الشوارع تحمل تلك البلورات الثلجية البيضاء لكي لاتعيق حركة السيارات شبهني الموقف بموعد حصاد القطن فكلاهما ابيض ناصع البياض

    فندق سافوى موسكو
    دار الحديث بيني و بين المندوب ذو البشرة البيضاء وشعرة الأصفر ذات اللمعة الذهبية بالرغم من انبهاري بتلك البلد الرائعة و مبانيها المميزة ذات الطابع الاوربى ووارعها النظيفة كنت أتمنى ان يحدثني عن روسيا ولكن استغربت كثيرا ً و اثارتنى دهشة عندما طلب منى ان أحدثه عن شبرا تلك الحي الشعبي في مصر ازداد عقلي اندهاشاً عندما نظرت في عينيه و وجدتها فرحة مسرورة بسماع صوتي و حديثي عن شبرا
    اعتطه بيانات قليله جدا عن تلك الحي الشعبي ولم اهتم فأنا في موسكو و أتحدث عن شبرا وكأن شبح مصريتي يبدأ فى الاستيقاظ و يطاردني من جديد فى أول ساعاتى
    علمت بعدها ان هذا المندوب منذ 7 سنوات ذهب رحلة الى مصر و تجول فيها بدراجته البخارية أحبها كثراً وأعجب بحي شبرا وعرف منه العديد من الأصدقاء
    انتهى الحديث وقت ان وصلت للفندق شاهق المنى لامع الجدران وكأنه مضاء بدون كهارب مازالت بلورات الثلج تداعب عيني من بين نظارتي التي كلما مسحتها ازداد ضبابا ممزوجة برزاز الماء غرفة رائعة استرحت قليلا من تعب السفر الذي زاد معي عن نصف اليوم او أكثر الجوع يمسك بيدي يأخذني لمطعم الفندق استجبت لصحبته مطعم فخم جدا منظم به العديد من المأكولات التى لاأسمع عن اسمها يوما ولم تراها عيني لحظه فكانت المأكولات البحرية هي السبيل الوحيد لإسكات الجوع عن طلبه الملح وبعدها بأيام قليلة عرفت السمك الأحمر و شوربة البورش و سلطة أوليفيه والدرانيكى (الكباب بالبطاطس) عرفت حلويات رأس السنة الأفضل مذاق طوال أيام السنة عرفت من المشروبات الكفاس وهو مشروب عصير خميرة الخبز خالي الكحول غير مسكر

    الكرملين
    ذلك المبنى الذي هو مكان عملي فأنا واحد من فريق المهندسين المسئولين عن ترميم تلك المبنى مبنى ضخم جدا أسواره مرتفعة 56 قدماً تقريباً وطولها ميلاً ونصف الميل متحف ضخم يضم كاتدرائية ارثوذكية تنظر منه تجد ضفة نهر موسكو فا استلمت عملي و بدئت الشروع في ترميم هذا المبنى التاريخي الضخم عرفت أصدقاء فى محيط العمل تربطهم بى ثقافة الهندسة المعمارية فقط فشبح الخوف من الغربة الذي كان يسكن بداخلي بدء و ان يهرب رويدا رويدا بالرغم من عملى داخل اكبر كنيسة فى روسيا إلا ان الوازع الديني لم يتركني لحظة انتقلت من الفندق باحثا عن سكن به طابع عربي وإن قل في تلك البقعة الأوروبية سكنت فى شارع إربات او أرباط شارع اثري عمره 400 عام به محلات تجاريه شارع حيوي لا ينام يذكرني بشارع 26 يوليو فكلاهما مستيقظ دائماً إربات او أرباط كلمة روسية معناها الطائفة الإسلامية الكبيرة التي سكنت موسكو كان يسكن فيه كبار الفنانين و الأدباء و الشعراء الروس بحثت عن مسجد فوجدت مسجد الذكر و مسجد الرشاد الروحي 2 مليون مسلم في موسكو شيء رائع جدا إسلام أوربى بشكله المختلف عن المجتمع المصري لا أجد سلفي متعصب او اخوانى يفضل مصلحته ومصلحة حزبه وجدت طائفة مسلمة وليست متأسلمة وجدت شاب مسيحي يحمل الصليب في عنقه ويجلس فى المسجد ممسكاً كاميرا صغيرة سألته ماذا تفعل هنا استغرب لسؤالي مجيبا المساجد لله فالمسجد و الكنيسة كلاهما بيوتا للعبادة يربطنا الله و كلنا نعبده.


    عالم مختلف عقول أكثر اختلاف
    مسرح البولشوى
    بداخل مبنى الكرملين الذي اعمل فيه يوجد مسرح البولشوى ذلك المسرح العتيق نبع الحضارة الروسية تسمع به جميع أوبرات العالم والموسيقى و ألعاب الباليه
    فى يوم اجازتى الأسبوعية قررت ان اذهب للمسرح كنوع من التغيير وكسر روتين العمل سمعت اصواتاً رائعة وأوبرات لم اسمع فنانيها من قبل

    جوليا
    تلك الفنانة الرائعة ذات الحنجرة القوية و الصوت العذب المملوء بدفء الإحساس
    ملامحها غير الروسية جذبتني لسماعها أكثر من مره فبشرتها حنطية اللون مستديرة الوجه عيون عسلية مائلة إلى اللون البنفسجي الخافت كنت أثق أنها ليست روسية الجنسية فهي مختلفة القوام و الشكل حتى لون شعرها الذي يشبه ليل القاهرة
    بالرغم من سؤالي أكثر من مرة عن جنسيتها فكل معجبيها أشار أنها روسية
    فهل أنا معجب مختلف بنظرة أكثر وضوحا اعتدت أن اختلس من أوقات عملي بعض السويعات القليلة وقت عرض جوليا على مسرح البولشوى إضافة عن يوم اجازتى الأسبوعية يوم مقدس لسماع و رؤية جوليا عن قرب تلك الفتاة التي خطفت ما تبقى من قلبي زاد الأمر تفكيراً ممزوجاً بإعجاب متكرر يوم بعد الآخر قررت أن أتحدث معها بعد انتهاء حفلها لأبدى لها اعجابى رحبت بى كثيرا راحة نفسية تتبعها نظرات في محيط عينها المملؤ بكثير من الألغاز و الشفرات التي يصعب عن شخص عادى فك رموزها ازداد الأمر تحدى لفك تلك الرموز المزركشة بشيء من الخوف و الحزن
    انتظرت وقت اجازتى الأسبوعية ان أتحدث معها طلبت منها التعارف فأنا من شدة المعجبين بها و بفنها حددت هى الميعاد الساعة الواحدة ليلا بداخل فندق كوزموس
    يالها من ايام قليلة لا تمر حتى أقابل جوليا للمرة الأولى على انفراد لكي أبدى لها عجابى ذهبت قبل الميعاد بساعة تقريبا إلى ان دقت الساعة الواحدة بالضبط وإذا بها تجلس امامى نظرات عيونها بها حزن شديد وفرحة في نفس الوقت الغاز تتناثر على جبينها شعرها الأسود الذى يذكرني بالليل القاهرة دائما عرفتها فهي بنت فى العشرين من عمرها مطربة فى المسرح الروسي سألتها عن جنسيتها نظرت بسكوووووووت يتبعه حزن

    روسية من أصل عربي وكأنها مجبرة على الإجابة دون إبداء اى توضيح هناك لغز فى ذلك الأمر سألتها عن أسرتها فأجابت هى تسكن مع امها تأكدت ان امها هى كل شيء فى حياتها بعد ان قالت ان أبيها تركها فى بطن امها و فر هارباً تأكدت وقتها ان أبوها هو الخوف و الحزن الموجود فى عينيها هو دفء صوتها وكأنه اللغز الذى كنت اسعي لفك شفراته ورموزه تقابلنا مرات عديدة بادلتني نفس الاهتمام عرفتها أكثر وعرفتني أكثر و أكثر وأن أتزوجها فهى لتمانع من حيث المبدأ ولكن شبح الخوف و الحزن الذي ظهر كلما تحدثت عن أبيها يراودني كلما أفاتحها بموضوع الزواج وكأن هناك لغز أخر ورموز و شفرات أكثر تعقيداً عيد ميلادها
     

    فندق جولدن رينج
    احتفالا رائعا انا و هى و امها وسط أصحابها عرفتني عليهم فارس أحلام جوليا مطربة الأوبرا الشهيرة تحت سماء موسكو فأنا الزوج المنتظر بزواج جوليا فاتنة فاتنات روسيا أكاد و إن أكون اكتملت كل احلامى زاد الحفل حضوراً و أصوات مطربين تعلو و أخرى تنخفض حفل بارع اظهر فيه بطل لأول مرة وكأني خلعت رداء الكومبارس فى مصر يوم أن ركبت طائرتي متجها الى موسكو رقصات تتبعها سكرات فاليوم عيد ميلادها والفوديكا أصبحت صديقتها الحميمة لايفارق الكأس شفتاها القرمزيتين جوليا تسألني سؤال ليس بمكانه الان ماهى جنسيتك؟


    أجبت بكل فخر انا مصري الجنسية فبمجرد نطق اسم جنسيتي اسودت الدنيا فى أعينها و تحول الحفل إلى حزن جارح صوت عااااااالى تتبعه انفعالات وأصوااااات أنت أبى انت الذي اغتصبت أمي و أتيت بى إلى الدنيا وحيداً هنا فقط أيقنت أن والدها مصري الجنسية مثلى تماماً وكأن شبح جنسيتي يراودني حيثما أشاء ويقتل البطل الموجود بداخلي و يتحول إلى كومبارس تافه
    • Blogger Comments
    • Facebook Comments
    Item Reviewed: محمد غنيم يكتب.. فتاة روسيا وجنسية أبيها Rating: 5 Reviewed By: khaled nour
    Scroll to Top