728x90 AdSpace

  • Latest News

    الجمعة، 25 مايو 2012

    المسؤولية الجنائية وتطورها

    تعريف المسؤولية الجنائية وتطورها ‏
    المطلب الأول : تعريف المسؤولية الجنائية.

    للمسؤولية الجنائية مفهومان : الأول مجرد و الثاني واقعي ، و يراد بالمفهوم الأول صلاحية الشخص لأن ‏يتحمل تبعة سلوكه و هنا نجد المسؤولية صفة في الشخص أو حالة تلازمه سواء وقع منه ما يقتضي ‏المساءلة أو لم يقع منه شيء ‏و يراد بالمفهوم الثاني (الواقعي) تحميل الشخص تبعة سلوك صدر منه حقيقة و هنا المسؤولية ليست ‏مجرد صفة أو حالة قائمة بالشخص بل هي جزاء أيضا و هذا المفهوم يحتوي على المفهوم الأول لأنه لا ‏يتصور تحميل شخص تبعة عمله المجرم بخضوعه للجزاء المقرر لفعله في قانون العقوبات.‏

    المطلب الثاني: تطور مفهوم المسؤولية الجنائية
    لم تكن المسؤولية الجنائية فكرة مجهولة في القوانين القديمة ، و إن ‏كانت تحدد على نحو مخالف لها هي عليه الآن ، ذلك أن القانون يتأثر بمعتقدات البيئة التي ينشأ فيها ، ‏فالمسؤولية الجنائية لا يجب أن تعزل عن إطارها التاريخي في سياق نمط الحياة و طرق التفكير اللذين ‏عرفا ، في المجتمعات القديمة.‏

    لقد شغلت فكرة السلام و الاستقرار المجتمعات القديمة ، و لذا فلا غرابة أن نجدها سعيا وراء ‏تحقيق هذه الغاية تضحي بالحاجات الفردية فلقد اهتدت تلك المجتمعات بفضل اعتقادها الديني و ارتباط ‏الإنسان بالجماعة التي ينتمي إليها و قصور تفكيرها حول طبيعة الخطأ إلى القول بنوع من المسؤولية ‏الجنائية تميزك بالخصائص التالية : ‏
    *المظهر الآلي و الموضوعي للمسؤولية الجنائية : ساد الاعتقاد قديما بأنه لا بد من وجود مذنب وراء كل ‏فعل ضار ، يكون مسؤولا عنه ، فإذا عرف الفاعل مسبب الضرر ، فإن رد الفعل عليه يكون تلقائيا أو آليا ‏، لم تكن المجتمعات تهتم بصفات فاعل الضرر الشخصية فلم تميز فاعل عاقل أو مجنون ، كبير أو صغير ‏، حيوان أو إنسان ، فإسناد الفعل الضار إلى أي مصدر كان يجعله مسؤولا ، فالفعل و الضرر هما ما ‏يميزان المسؤولية (لذا فهي موضوعية) ‏

    *المظهر الجماعي و الشامل للمسؤولية : كانت النظرة إلى المسؤولية أوسع و أشمل مما هو معروف ‏اليوم ، فقد كانت تتوسع لتشمل أشخاصا لا علاقة لهم بالفعل المرتكب.‏
    كمسؤول الأسرة كلها أو عشيرة الجاني أو قبيلته عن فعل أحد أفرادها فلم تكن المجتهدات القديمة تفرق ‏بين شخص و آخر .‏

    *تطور فكرة المسؤولية (ظهور مسألة الخطأ) : فكرة المسؤولية الموضوعية لم تكن لتستمر على مدى ‏الأزمة ، فقد بدأ كفرة الخطأ تتبلور شيئا فشيئا لتنحصر المسؤولية ج في أضيف الحدود ، و ساهم في هذا ‏التطور ظهور الدولة التي أخذت على عاتقها إقامة العدالة فبفضل الدولة بدأت المجتمعات القديمة تتحويل ‏عن مفهوم المسؤولية الجماعية الظالمة إلى مفهوم المسؤولية الفردية العادلة ، ليترسخ بعد ذلك مبدأ ‏‏”شخصية العقاب” تواجد من أهم مبادئ المسؤولية الجنائية في الوقت الحاضر .‏

    *تأثير الدين : أجهد الحكام أنفسهم في المجتمعات القديمة لإرضاء الآلهة و التنفيذ بأوامر الدين فأنزلوا أشد ‏العقوبات بمن يخالف التعاليم الدينية ، خشية من أن تحل لعنتها على المجرم بالمجتمع ، و لقد ورثت الدولة ‏عن المجتمعات القديمة هذا الاتجاه ، فدعمتنه لما في ذلك من تقوية لمركزها باعتبارها حامية المقدسات ، ‏و باعتبار الجرائم الدينية عامة .‏

    • هذا و كان لظهور الدين المسيحي أثر بالغ في تعديل مضمون الجزاء و المسؤولية في الفكر ‏الغربي ، فلقد وجدت المسحية في الخطيئة أساس مفهوم الجريمة فمن يرتكب الخطيئة يعد إثما و ‏يكون مسؤولا ، و في هذا النطاق أفاض رجال الفقه الكنسي في مناقشة بعض المفاهيم التي تعد ‏اليوم أساسا للمسؤولية ج كالإسناد الأثر و الجزاء ، على سبيل المثال : استناد الواقعة الإجرامية ‏إلى فاعلها و تحميله نتائجها (الاعتماد على الإرادة في تفسيرها). و من ناحية أخرى فقد ربط ‏الفكر المسيحي الإثم بالنية فمرتكب الجريمة ليس إثما أن لم تتوافر لديه نية الإجرام (الإرادة ، و ‏حربة الاختيار).‏

    • و في وقت لاحق ظهر الإسلام بنظريته المميزة إلى التجريم و العقاب ، فقد حددت الشريعة ‏الإسلامية شروط المساءلة الجنائية على نحو يفوق أحدث النظريات الحائية ، فالعقل و الإرادة ‏الحرة هما مناط تحمل التبعة تحملا كاملا من حيث النتائج و الغايات ، و هو ما أجمل عليه الفقهاء ‏المسلمين من أن التبعة التامة لا تقوم إلا على العاقل ، فلا يثبت تكليف الأعلى من أو في عقلا ‏سليما بأن كان بالغا عاقلا و يسقط الإثم في حالة الخطأ (الغلط) و النسيان و الإكراه ، لقوله صلى ‏الله عليه و سلم “رقع القلم على ثلاث : عن الصغير حتى يحتلم و عن النائم حتى يستيقظ ، و عن ‏المجنون حتى يفيق” كما راعت الشريعة الجانب النفسي في الجريمة.
    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: المسؤولية الجنائية وتطورها Rating: 5 Reviewed By: khaled nour
    Scroll to Top