تعريف المسؤولية الجنائية وتطورها
المطلب الأول : تعريف المسؤولية الجنائية.
للمسؤولية الجنائية مفهومان : الأول مجرد و الثاني واقعي ، و يراد بالمفهوم الأول صلاحية الشخص لأن يتحمل تبعة سلوكه و هنا نجد المسؤولية صفة في الشخص أو حالة تلازمه سواء وقع منه ما يقتضي المساءلة أو لم يقع منه شيء و يراد بالمفهوم الثاني (الواقعي) تحميل الشخص تبعة سلوك صدر منه حقيقة و هنا المسؤولية ليست مجرد صفة أو حالة قائمة بالشخص بل هي جزاء أيضا و هذا المفهوم يحتوي على المفهوم الأول لأنه لا يتصور تحميل شخص تبعة عمله المجرم بخضوعه للجزاء المقرر لفعله في قانون العقوبات.
المطلب الأول : تعريف المسؤولية الجنائية.
للمسؤولية الجنائية مفهومان : الأول مجرد و الثاني واقعي ، و يراد بالمفهوم الأول صلاحية الشخص لأن يتحمل تبعة سلوكه و هنا نجد المسؤولية صفة في الشخص أو حالة تلازمه سواء وقع منه ما يقتضي المساءلة أو لم يقع منه شيء و يراد بالمفهوم الثاني (الواقعي) تحميل الشخص تبعة سلوك صدر منه حقيقة و هنا المسؤولية ليست مجرد صفة أو حالة قائمة بالشخص بل هي جزاء أيضا و هذا المفهوم يحتوي على المفهوم الأول لأنه لا يتصور تحميل شخص تبعة عمله المجرم بخضوعه للجزاء المقرر لفعله في قانون العقوبات.
المطلب الثاني: تطور مفهوم المسؤولية الجنائية
لم تكن المسؤولية الجنائية فكرة مجهولة في القوانين القديمة ، و إن كانت تحدد على نحو مخالف لها هي عليه الآن ، ذلك أن القانون يتأثر بمعتقدات البيئة التي ينشأ فيها ، فالمسؤولية الجنائية لا يجب أن تعزل عن إطارها التاريخي في سياق نمط الحياة و طرق التفكير اللذين عرفا ، في المجتمعات القديمة.
لقد شغلت فكرة السلام و الاستقرار المجتمعات القديمة ، و لذا فلا غرابة أن نجدها سعيا وراء تحقيق هذه الغاية تضحي بالحاجات الفردية فلقد اهتدت تلك المجتمعات بفضل اعتقادها الديني و ارتباط الإنسان بالجماعة التي ينتمي إليها و قصور تفكيرها حول طبيعة الخطأ إلى القول بنوع من المسؤولية الجنائية تميزك بالخصائص التالية :
*المظهر الآلي و الموضوعي للمسؤولية الجنائية : ساد الاعتقاد قديما بأنه لا بد من وجود مذنب وراء كل فعل ضار ، يكون مسؤولا عنه ، فإذا عرف الفاعل مسبب الضرر ، فإن رد الفعل عليه يكون تلقائيا أو آليا ، لم تكن المجتمعات تهتم بصفات فاعل الضرر الشخصية فلم تميز فاعل عاقل أو مجنون ، كبير أو صغير ، حيوان أو إنسان ، فإسناد الفعل الضار إلى أي مصدر كان يجعله مسؤولا ، فالفعل و الضرر هما ما يميزان المسؤولية (لذا فهي موضوعية)
*المظهر الجماعي و الشامل للمسؤولية : كانت النظرة إلى المسؤولية أوسع و أشمل مما هو معروف اليوم ، فقد كانت تتوسع لتشمل أشخاصا لا علاقة لهم بالفعل المرتكب.
كمسؤول الأسرة كلها أو عشيرة الجاني أو قبيلته عن فعل أحد أفرادها فلم تكن المجتهدات القديمة تفرق بين شخص و آخر .
*تطور فكرة المسؤولية (ظهور مسألة الخطأ) : فكرة المسؤولية الموضوعية لم تكن لتستمر على مدى الأزمة ، فقد بدأ كفرة الخطأ تتبلور شيئا فشيئا لتنحصر المسؤولية ج في أضيف الحدود ، و ساهم في هذا التطور ظهور الدولة التي أخذت على عاتقها إقامة العدالة فبفضل الدولة بدأت المجتمعات القديمة تتحويل عن مفهوم المسؤولية الجماعية الظالمة إلى مفهوم المسؤولية الفردية العادلة ، ليترسخ بعد ذلك مبدأ ”شخصية العقاب” تواجد من أهم مبادئ المسؤولية الجنائية في الوقت الحاضر .
*تأثير الدين : أجهد الحكام أنفسهم في المجتمعات القديمة لإرضاء الآلهة و التنفيذ بأوامر الدين فأنزلوا أشد العقوبات بمن يخالف التعاليم الدينية ، خشية من أن تحل لعنتها على المجرم بالمجتمع ، و لقد ورثت الدولة عن المجتمعات القديمة هذا الاتجاه ، فدعمتنه لما في ذلك من تقوية لمركزها باعتبارها حامية المقدسات ، و باعتبار الجرائم الدينية عامة .
• هذا و كان لظهور الدين المسيحي أثر بالغ في تعديل مضمون الجزاء و المسؤولية في الفكر الغربي ، فلقد وجدت المسحية في الخطيئة أساس مفهوم الجريمة فمن يرتكب الخطيئة يعد إثما و يكون مسؤولا ، و في هذا النطاق أفاض رجال الفقه الكنسي في مناقشة بعض المفاهيم التي تعد اليوم أساسا للمسؤولية ج كالإسناد الأثر و الجزاء ، على سبيل المثال : استناد الواقعة الإجرامية إلى فاعلها و تحميله نتائجها (الاعتماد على الإرادة في تفسيرها). و من ناحية أخرى فقد ربط الفكر المسيحي الإثم بالنية فمرتكب الجريمة ليس إثما أن لم تتوافر لديه نية الإجرام (الإرادة ، و حربة الاختيار).
• و في وقت لاحق ظهر الإسلام بنظريته المميزة إلى التجريم و العقاب ، فقد حددت الشريعة الإسلامية شروط المساءلة الجنائية على نحو يفوق أحدث النظريات الحائية ، فالعقل و الإرادة الحرة هما مناط تحمل التبعة تحملا كاملا من حيث النتائج و الغايات ، و هو ما أجمل عليه الفقهاء المسلمين من أن التبعة التامة لا تقوم إلا على العاقل ، فلا يثبت تكليف الأعلى من أو في عقلا سليما بأن كان بالغا عاقلا و يسقط الإثم في حالة الخطأ (الغلط) و النسيان و الإكراه ، لقوله صلى الله عليه و سلم “رقع القلم على ثلاث : عن الصغير حتى يحتلم و عن النائم حتى يستيقظ ، و عن المجنون حتى يفيق” كما راعت الشريعة الجانب النفسي في الجريمة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق