728x90 AdSpace

  • Latest News

    السبت، 11 أبريل 2015

    أحمد التايب يكتب: الصعيد وحكاية عيد "شمو"


    فإذا أردت أن تتعرف إلى مصر قبل سبعة آلاف سنة حتى الألفية الثالثة، فلن أخبرك بأن تقرأ موسوعة ولا أن تفتش وتبحث وسط عشرات الكتب، فالأمر لا يستلزم أكثر من رؤية الصعيد المصرى، وكلما اتجهت أقصى الجنوب سيتاح لك أن تقرأ وترى وتسمع مصر الحقيقية.

    دعنى اصطحبك فى رحلة ذهنية، لكنها مقروءة ومسموعة ومرئية تثبت لك أن الصعيد المصرى هو الراوى الحقيقى لكتاب تاريخ مصر، ولهذا سوف أعطيك مثلاً لذلك، لكن دعنى أهنئك أولاً بعيد شم النسيم الذى ستحتفل به خلال الأيام القادمة، لكنى أحذرك من الإفراط فى تناول الفسيخ والرنجة، فالصعيد سيحكى لك حكاية الاحتفال من الألف إلى الياء، لذا عليك أن توهب تركيزك وانتباهك لما سيرويه لك الصعيد.

    من أول السطر، بدأ الاحتفال بعيد شم النسيم فى مصر منذ عام 2700 قبل الميلاد فى أواخر حكم الأسرة الثالثة، وكان يسمى بعيد «شمو» أى عيد الحياة، فقد كان المصريون القدماء يتصورون أن هذا اليوم هو أول الزمان، ويوم بدء الخلق وكانوا يحددون ذلك اليوم والاحتفال به فى لحظة الرؤيا عند الهرم الأكبر عندما يجلس الإله على عرشه فوق قمة الهرم، وما أن يبدأ الليل فى الظهور حىى يتجمع الناس لاستقبال احتفال رسمى أمام الناحية الشمالية من الهرم الأكبر، حيث يظهر قرص الشمس قبل الغروب وكأنه يجلس فوق قمة الهرم خلال دقائق معدودة، وتظهر معجزة الرؤيا عندما يشطر ضوء الشمس وظلاله واجهة الهرم إلى نصفين.

    أحياناً أخمن أن المسمى حقيقى، أنه حقاً يوم الحياة فالترابط الزمنى العجيب الذى يحدث خلال موسم الاحتفال فى يوم شم النسيم يستحق التدقيق والانتباه والشعور بالدهشة!! فخلال ذلك الموسم يبدأ الأقباط بالشروع فى الاحتفال بعيد التسبيح فى سابع أيام الأحد من بداية الصوم الكبير، حيث يحتفلون بذكرى ركوب السيد المسيح عليه السلام الحمار فى القدس ودخوله إلى بنى صهيون راكبا، والناس حوله يسبحون، وهم يحملون فى أيديهم سعف النخيل، ولهذا سمى هذا اليوم بأحد السعف، وفى مساء هذا اليوم يبدأ أسبوع الآلام، للتذكرة بصلب المسيح عليه السلام إلى قيامته فى اللاهوت القبطى.

    ولأن الشهر يوافق شهر برمهات الذى تنضج فيه المحاصيل وتتفتح فيه الزهور، ويحتفل فيه الفلاح المصرى بأعياد حصاد المحاصيل تبدأ السيدات فى توزيع بعض حصص القمح على من حولها، ولعل تلك العادة استمرت حتى وقت قريب فى صعيد مصر، لكن انخفاض زراعة القمح أدت إلى اندثار تلك العادة، وما أن يبدأ أسبوع الآلآم يبدأ المسيحيون فى تخصص أكلات معينة على مدار أيام الأسبوع، حيث يؤكل فى يوم الاثنين «الفقوس» أو «الأته»، والثلاثاء يطبخ به العدس، والأربعاء يقتضى المصريون فيه بسيدنا أيوب، حيث يستخدمون نبات «الغبيرة» فى الاستحمام، لما يشاع حول هذا النبات بأنه الذى أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا أيوب للشفاء من علاته، ومن ثّم يأتى خميس العهد والجمعة الكبيرة حيث يهتم المسحييون بتناول الترمس المُر.

    ومنذ بداية العصر الفاطمى فى مصر عكف الفاطميون على استمالة المصريين لذلك دعوا إلى مخالفة الأقباط فى ذلك اليوم بتناول الأطعمة التى تحتوى على السكر بخلاف ما يتناوله المسيحيون من أطعمة مُرة.

    وما أن يأتى عيد القيامة يتزامن يوم الأحد مع عيد الفصح لدى اليهود احتفالا بخروجهم من مصر، وفى يوم الاثنين يتساوى الليل بالنهار، ويولد عيد «شم النسيم» ليجتمع المسلمون والمسيحيون واليهود فى الاحتفال فى يوم واحد.

    والآن سوف يكف الصعيد عن الكلام ويدعك تستوعب كل هذه الأحداث، لتدرك أن يوم الحياة «شم النسيم» ليس مجرد احتفال إنما هو تاريخ يروى حكاية اسمها مصر.

    أقراء ايضا..

    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: أحمد التايب يكتب: الصعيد وحكاية عيد "شمو" Rating: 5 Reviewed By: khaled nour
    Scroll to Top